إسرائيل القديمة و فينيقيا

كان الفينيقيون أحد شعوب العصر الحديدي الذين عاشوا في المناطق الساحلية التي توجد اليوم في لبنان. و يعتقد بعض الدارسين أن الفينيقيين قد جاؤوا إلى تلك المنطقة من مكان آخر، بينما يظن البعض أن ثقافتهم انبثقت عن الشعوب الكنعانية التي كانت تعيش هناك خلال العصر البرونزي.
حسبا للكتاب المقدس العبري، يرجع أصل شعب بني إسرائيل إلى بلاد الشام، إلا أنهم هاجروا في وقت لاحق إلى مصر حيث تم اضطهادهم و استعبادهم. عند نهاية العصر البرونزي، عاد الإسرائيليون إلى وطنهم من جديد هربا من الاضطهاد على يد المصريين، مما يعرف في الكتاب المقدس بـ 'الخروج'. و حسب نصوص الكتاب المقدس، انقسم بنو إسرائيل إلى 12 قبيلة منفصلة.
    بحلول القرن الـ 11 قبل الميلاد،تمكن الملك شاول من توحيد أغلب بني إسرائيل في مملكة واحدة (انظر الخريطة 1 ـ 1010 ق.م). و مات الملك شاول خلال مواجهته للفلستيين، ثم تدهورت مملكته بعد ذلك بسبب الحرب الأهلية. و تمكن رجل يدعى داوود من توحيد إسرائيل أخيرا، قبل أن يبسط سيطرته على عدة مناطق محاذية مكونا بذلك إمبراطورية كبيرة، و تشير النصوص في الكتاب المقدس إلى أن إمبراطوريته كانت تصل إلى حدود نهر الفرات، بالإضافة إلى مناطق في شمال إسرائيل تدعى حماة.(انظر الخريطة 2 ـ 980 ق.م). تولى سليمان الملك بعد والده داوود، و عرف عهده فترة ازدهار طويل، بما في ذلك معاهدة تحالف مع الملك الفينيقي هيرام الأول، ملك صور. لكن مملكة إسرائيل لك تكن مستقرة، بسبب تباين أصولها القبلية، فما فتئت تتفكك بشكل سريع. خلال فترة حكم الملك سليمان، تمردت دمشق و أصبحت مستقلة.(انظر الخريطة 3 ـ 940 ق.م). بعد ذلك، و بعد وفاة سليمان، انقسمت المملكة إلى كل من مملكة إسرائيل الشمالية، و مملكة يهوذا في الجنوب.(انظر الخريطة 4 ـ 900 ق.م) و سيتم احتلال كل من هاتين المملكتين من طرف الآشوريين في القرون التي تلي ذلك.
و حسب التفسير التقليدي للكتاب المقدس فإن الإسرائيليين كانوا دائما يعبدون إلها واحدا: يهوه. لكن هناك العديد من الآيات في الإنجيل حيث يتم وصف يهوه على أنه أعظم الأرباب (الخروج 15:11، الخروج 18:11). و تشير الدلائل في علم الآثار بأن الإسرائليين كانوا يعبدون عدة أرباب إلى حدود القرن الثامن قبل الميلاد. و هناك الآن توافق بين الدارسين بأن يهوه تطور بشكل تدريجي من إله من بين عدة آلهة، إلى الإله الأعظم، ثم أخيرا الإله الواحد حسب تطور الديانة الإسرائيلية.
    و في نفس الوقت الذي كانت فيه مملكة إسرائيل، كان العصر الذهبي للإمارات الفينيقية التجارية. و انطلاقا من قواعدهم على سواحل لبنان، بدأ الفينيقيون في إقامة مستعمرات للتجارة في قبرص، و بشكل أبعد من ذلك، في شمال إفريقيا، إسبانيا، و جزر غرب البحر المتوسط.